فصل: واجبات الصّلاة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


واجبات الصّلاة

قد سبق أنّه لم يقل بواجبات الصّلاة سوى الحنفيّة والحنابلة، وواجبات الصّلاة عند الحنفيّة تختلف عن واجبات الصّلاة عند الحنابلة‏.‏

أ - واجبات الصّلاة عند الحنفيّة‏:‏

38 - قراءة الفاتحة‏.‏ وهي من واجبات الصّلاة لثبوتها بخبر الواحد الزّائد على قوله تعالى ‏{‏فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏}‏ والزّيادة وإن كانت لا تجوز لكن يجب العمل بها‏.‏

ومن أجل ذلك قالوا بوجوبها‏.‏ ولقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا قمت إلى الصّلاة فأسبغ الوضوء ثمّ استقبل القبلة، فكبّر، ثمّ اقرأ ما تيسّر معك من القرآن» ولو كانت قراءة الفاتحة ركناً لعلّمه إيّاها لجهله بالأحكام وحاجته إليه، وقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» محمول على نفي الفضيلة‏.‏

ثمّ إنّ كلّ آية منها واجبة، ويسجد للسّهو بتركها‏.‏ وهذا على قول الإمام القائل إنّها واجبة بتمامها، وأمّا عند الصّاحبين‏:‏ فالواجب أكثرها، فيسجد للسّهو بترك أكثرها لا أقلّها‏.‏

قال الحصكفيّ‏:‏ وهو - أي قول الإمام - أولى، وعليه فكلّ آية واجبة‏.‏

39 - ضمّ أقصر سورة إلى الفاتحة - كسورة الكوثر - أو ما يقوم مقامها من ثلاث آيات قصار نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ‏}‏ أو آية طويلة تعدل ثلاث آيات قصار، وقدّروها بثلاثين حرفاً‏.‏

ومحلّ هذا الضّمّ في الأوليين من الفرض، وجميع ركعات النّفل والوتر‏.‏

40 - ويجب تعيين القراءة في الأوليين عيناً من الفرض من الثّلاثيّة والرّباعيّة‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ وهو المشهور في المذهب الّذي عليه المتون، وهو المصحّح‏.‏

وقيل‏:‏ إنّ محلّ القراءة ركعتان من الفرض غير عين، وكونهما في الأوليين أفضل‏.‏

وثمرة الخلاف تظهر في وجوب سجود السّهو إذا تركها في الأوليين أو في إحداهما سهواً لتأخير الواجب سهواً عن محلّه، وعلى القول بالسّنّيّة لا يجب‏.‏

41 - ويجب تقديم الفاتحة على كلّ السّورة، حتّى قالوا‏:‏ لو قرأ حرفاً من السّورة ساهياً ثمّ تذكّر يقرأ الفاتحة ثمّ السّورة ويلزمه سجود السّهو، وقيّده في فتح القدير بأن يكون مقدار ما يتأدّى به ركن‏.‏ وهو ما مال إليه ابن عابدين قال‏:‏ لأنّ الظّاهر أنّ العلّة هي تأخير الابتداء بالفاتحة، والتّأخير اليسير وهو ما دون ركن معفوّ عنه‏.‏

وكذا يجب ترك تكريرها قبل سورة الأوليين، فلو قرأها في ركعة من الأوليين مرّتين وجب سجود السّهو، لتأخير الواجب وهو السّورة، ومثله ما لو قرأ أكثرها ثمّ أعادها‏.‏ أمّا لو قرأها قبل السّورة مرّةً وبعدها مرّةً فلا تجب، لعدم التّأخير، لأنّ الرّكوع ليس واجباً بإثر السّورة، فإنّه لو جمع بين سور بعد الفاتحة لا يجب عليه شيء‏.‏

ولا يجب ترك التّكرار في الأخريين، لأنّ الاقتصار على مرّة في الأخريين ليس بواجب حتّى لا يلزمه - سجود السّهو بتكرار الفاتحة فيها سهواً، ولو تعمّده لا يكره ما لم يؤدّ إلى التّطويل على الجماعة، أو إطالة الرّكعة على ما قبلها‏.‏

42 - رعاية التّرتيب بين القراءة والرّكوع وفيما يتكرّر، ومعنى كونه واجباً‏:‏ أنّه لو ركع قبل القراءة صحّ ركوع هذه الرّكعة، لأنّه لا يشترط في الرّكوع أن يكون مترتّباً على قراءة في كلّ ركعة، بخلاف التّرتيب بين الرّكوع والسّجود مثلاً فإنّه فرض حتّى لو سجد قبل الرّكوع لم يصحّ سجود هذه الرّكعة، لأنّ أصل السّجود يشترط ترتّبه على الرّكوع في كلّ ركعة كترتّب الرّكوع على القيام كذلك، لأنّ القراءة لم تفرض في جميع ركعات الفرض بل في ركعتين منه بلا تعيين‏.‏ أمّا القيام والرّكوع والسّجود فإنّها معيّنة في كلّ ركعة‏.‏

والمراد بقوله فيما يتكرّر‏:‏ السّجدة الثّانية من كلّ ركعة وعدد الرّكعات‏.‏ أمّا السّجدة الثّانية من كلّ ركعة‏:‏ فالتّرتيب بينها وبين ما بعدها واجب، حتّى لو ترك سجدةً من ركعة ثمّ تذكّرها فيما بعدها من قيام أو ركوع أو سجود فإنّه يقضيها، ولا يقضي ما فعله قبل قضائها ممّا هو بعد ركعتها من قيام أو ركوع أو سجود، بل يلزمه سجود السّهو فقط، لكن اختلف في لزوم قضاء ما إذا تذكّرها فقضاها فيه، كما لو تذكّر وهو راكع أو ساجد أنّه لم يسجد في الرّكعة الّتي قبلها فإنّه يسجدها، وهل يعيد الرّكوع أو السّجود المتذكّر فيه‏؟‏‏.‏

ففي الهداية أنّه لا تجب إعادته بل تستحبّ معلّلاً بأنّ التّرتيب ليس بفرض بين ما يتكرّر من الأفعال، وفي الخانيّة أنّه يعيده وإلاّ فسدت صلاته، معلّلاً بأنّه ارتفض بالعود إلى ما قبله من الأركان، لأنّه قبل الرّفع منه يقبل الرّفض، بخلاف ما لو تذكّر السّجدة بعدما رفع من الرّكوع، لأنّه بعدما تمّ بالرّفع لا يقبل الرّفض‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ والمعتمد ما في الهداية، ولو نسي سجدةً من الرّكعة الأولى قضاها ولو بعد السّلام قبل إتيانه بمفسد، لكنّه يتشهّد، ثمّ يسجد للسّهو، ثمّ يتشهّد، لبطلان التّشهّد والقعدة الأخيرة بالعود إلى السّجدة، لاشتراطها التّرتيب، والتّقييد بالتّرتيب بينها وبين ما بعدها للاحتراز عمّا قبلها من ركعتها، فإنّ التّرتيب بين الرّكوع والسّجود من ركعة واحدة شرط‏.‏

وأمّا الرّكعات فإنّ التّرتيب فيها واجب إلاّ لضرورة الاقتداء حيث يسقط به التّرتيب، فإنّ المسبوق يصلّي آخر الرّكعات قبل أوّلها‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ فإن قلت وجوب الشّيء إنّما يصحّ إذا أمكن ضدّه، وعدم التّرتيب بين الرّكعات غير ممكن فإنّ المصلّي كلّ ركعة أتى بها أوّلاً فهي الأولى، وثانياً فهي الثّانية وهكذا‏.‏ فإنّه يمكن ذلك لأنّه من الأمور الاعتباريّة الّتي يبتنى عليها أحكام شرعيّة إذا وجد معها ما يقتضيها، فإذا صلّى من الفرض الرّباعيّ ركعتين، وقصد أن يجعلهما الأخيرتين فهو لغو، إلاّ إذا حقّق قصده بأن ترك فيهما القراءة، وقرأ فيما بعدهما فحينئذ يبتنى عليه أحكام شرعيّة وهي وجوب الإعادة والإثم، لوجود ما يقتضي تلك الأحكام ولهذا اعتبر الشّارع صلاة المسبوق غير مرتّبة من حيث الأقوال، فأوجب عليه عكس التّرتيب بأن أمره بأن يفعل ما يبتنى على ذلك من قراءة وجهر‏.‏

كذلك أمر غيره بالتّرتيب بأن يفعل ما يقتضيه بأن يقرأ أوّلاً ويجهر أو يسرّ، وإذا خالف يكون قد عكس التّرتيب حكماً‏.‏

تعديل الأركان

43 - وهو‏:‏ تسكين الجوارح في الرّكوع والسّجود حتّى تطمئنّ مفاصله، وأدناه قدر تسبيحة، وهو واجب في تخريج الكرخيّ، ووجهه أنّه شرع لتكميل ركن فيكون واجباً كقراءة الفاتحة‏.‏

وفي تخريج الجرجانيّ أنّه سنّة لأنّه شرع لتكميل الأركان وليس بمقصود لذاته‏.‏

وذهب أبو يوسف إلى أنّه فرض «لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم لمن أخفّ الصّلاة‏:‏ صلّ فإنّك لم تصلّ» وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث رفاعة بن رافع‏:‏ «إنّها لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يسبغ الوضوء كما أمره اللّه عزّ وجلّ‏:‏ فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثمّ يكبّر اللّه عزّ وجلّ ويحمده، ثمّ يقرأ من القرآن ما أذن له فيه وتيسّر، ثمّ يقول‏:‏ اللّه أكبر ثمّ يركع حتّى تطمئنّ مفاصله ثمّ يقول‏:‏ سمع اللّه لمن حمده حتّى يستوي قائماً ثمّ يقول‏:‏ اللّه أكبر‏.‏ قال‏:‏ ثمّ يكبّر فيسجد فيمكّن وجهه - أو جبهته - من الأرض حتّى تطمئنّ مفاصله وتسترخي، ثمّ يكبّر فيستوي قاعداً على مقعده، ويقيم صلبه» فوصف الصّلاة هكذا أربع ركعات حتّى فرغ «لا تتمّ صلاة أحدكم حتّى يفعل ذلك»‏.‏

واستدلّ على الوجوب بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَارْكَعُوا واسْجُدُوا‏}‏ حيث أمر بالرّكوع، وهو‏:‏ الانحناء لغةً، وبالسّجود، وهو‏:‏ الانخفاض لغةً، فتتعلّق الرّكنيّة بالأدنى منهما‏.‏

وفي آخر الحديث الّذي روي عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم سمّاه صلاةً‏.‏ فقال له‏:‏ «إذا فعلت ذلك فقد تمّت صلاتك، وإن انتقصت منه شيئاً انتقصت من صلاتك» ولا حجّة في الحديث الثّاني - أيضاً - لأنّ فيه وضع اليدين على الرّكبتين والثّناء والتّسميع وليست هذه الأشياء فرضاً بالإجماع‏.‏

وكذا تجب الطّمأنينة في الرّفع من الرّكوع والسّجود، وكذا نفس الرّفع من الرّكوع والجلوس بين السّجدتين، وهو اختيار المحقّق ابن الهمام وتلميذه ابن أمير حاجّ حتّى قال‏:‏ إنّه الصّواب، للمواظبة على ذلك كلّه، وللأمر في حديث المسيء صلاته، ولما ذكره قاضي خان من لزوم سجود السّهو بترك الرّفع من الرّكوع ساهياً‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ والحاصل أنّ الأصحّ روايةً ودرايةً وجوب تعديل الأركان، وأمّا القومة والجلسة وتعديلها فالمشهور في المذهب السّنّيّة، وروي وجوبها، وهو الموافق للأدلّة وعليه الكمال بن الهمام ومن بعده من المتأخّرين‏.‏ وقال أبو يوسف بفرضيّة الكلّ، واختاره في المجمع والعينيّ ورواه الطّحاويّ عن أئمّتنا الثّلاثة‏.‏ وقال في الفيض‏:‏ إنّه الأحوط‏.‏

44 - القعود الأوّل‏:‏ يجب القعود الأوّل قدر التّشهّد إذا رفع رأسه من السّجدة الثّانية في الرّكعة الثّانية في ذوات الأربع والثّلاث، ولو في النّفل في الأصحّ خلافاً لمحمّد في افتراضه قعدة كلّ شفع نفلاً، وللطّحاويّ والكرخيّ أنّها في غير النّفل سنّة‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ قال في البدائع‏:‏ وأكثر مشايخنا يطلقون عليه اسم السّنّة، إمّا لأنّ وجوبه عرف بها، أو لأنّ المؤكّدة في معنى الواجب، وهذا يقتضي رفع الخلاف‏.‏

45 - التّشهّدان‏:‏ أي تشهّد القعدة الأولى وتشهّد الأخيرة، ويجب سجود السّهو بترك بعضه، لأنّه ذكر واحد منظوم فترك بعضه كترك كلّه، وأفضل صيغ التّشهّد هي المرويّة عن ابن مسعود، وستأتي في سنن الصّلاة‏.‏

46 - السّلام‏:‏ واستدلّوا على وجوبه وعدم فرضيّته بحديث عبد اللّه بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنّه عليه الصلاة والسلام «قال له حين علّمه التّشهّد‏:‏ إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك»‏.‏

وعن عبد اللّه بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما - قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا أحدث الرّجل وقد جلس في آخر صلاته قبل أن يسلّم فقد جازت صلاته»‏.‏

وعن عليّ - رضي الله تعالى عنهما -‏:‏ «إذا قعد قدر التّشهّد ثمّ أحدث فقد تمّت صلاته» وأمّا قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «تحريمها التّكبير، وتحليلها التّسليم» فإنّه إن صحّ لا يفيد الفرضيّة، لأنّها لا تثبت بخبر الواحد، وإنّما يفيد الوجوب‏.‏ ثمّ إنّه يجب مرّتين، والواجب منه لفظ ‏"‏ السّلام ‏"‏ فقط دون ‏"‏ عليكم ‏"‏‏.‏

47 - إتيان كلّ فرض أو واجب في محلّه، فلو أخّره عن محلّه سهواً سجد للسّهو‏.‏

ومثال تأخير الفرض‏:‏ ما لو أتمّ الفاتحة ثمّ مكث متفكّراً سهواً ثمّ ركع‏.‏

ومثال تأخير الواجب‏:‏ ما لو تذكّر السّورة وهو راكع فضمّها قائماً وأعاد الرّكوع سجد للسّهو‏.‏ وكذا يجب ترك تكرير الرّكوع وتثليث السّجود - لأنّ في زيادة ركوع أو سجود تغيير المشروع، لأنّ الواجب في كلّ ركعة ركوع واحد وسجدتان فقط، فإذا زاد على ذلك فقد ترك الواجب، ويلزم منه أيضًا ترك واجب آخر، وهو إتيان الفرض في غير محلّه، لأنّ تكرير الرّكوع فيه تأخير السّجود عن محلّه وتثليث السّجود فيه تأخير القيام أو القعدة، وكذا القعدة في آخر الرّكعة الأولى أو الثّالثة فيجب تركها، ويلزم من فعلها - أيضاً - تأخير القيام إلى الثّانية أو الرّابعة عن محلّه‏.‏

وهذا إذا كانت القعدة طويلةً، أمّا الجلسة الخفيفة الّتي استحبّها الشّافعيّة فتركها غير واجب، بل هو الأفضل‏.‏ وهكذا كلّ زيادة بين فرضين أو بين فرض وواجب يكون فيها ترك واجب بسبب تلك الزّيادة، ويلزم منها ترك واجب آخر، وهو تأخير الفرض الثّاني عن محلّه‏.‏ ويدخل في الزّيادة السّكوت، حتّى لو شكّ فتفكّر سجد للسّهو‏.‏

قال ابن عابدين‏:‏ إنّ ترك هذه المذكورات واجب لغيره، وهو إتيان كلّ واجب أو فرض في محلّه، فإنّ ذلك الواجب لا يتحقّق إلاّ بترك هذه المذكورات، فكان تركها واجباً لغيره، لأنّه يلزم من الإخلال بهذا الواجب الإخلال بذاك الواجب فهو نظير عدّهم من الفرائض الانتقال من ركن إلى ركن فإنّه فرض لغيره‏.‏

وبقي من واجبات الصّلاة‏:‏ قراءة قنوت الوتر، وتكبيرات العيدين، والجهر والإسرار فيما يجهر فيه ويسرّ‏.‏ وتنظر في مصطلحاتها‏.‏

ب - واجبات الصّلاة عند الحنابلة‏:‏

48 - تكبيرات الانتقال في محلّها‏:‏ ومحلّها ما بين بدء الانتقال وانتهائه لحديث أبي موسى الأشعريّ‏:‏ «فإذا كبّر يعني الإمام وركع، فكبّروا واركعوا‏.‏‏.‏‏.‏، وإذا كبّر وسجد، فكبّروا واسجدوا» وهذا أمر، وهو يقتضي الوجوب، ولو شرع المصلّي في التّكبير قبل انتقاله كأن يكبّر للرّكوع أو السّجود قبل هويّه إليه، أو كمّله بعد انتهائه بأن كبّر وهو راكع أو وهو ساجد بعد انتهاء هويّه، فإنّه لا يجزئه ذلك التّكبير، لأنّه لم يأت به في محلّه‏.‏

وإن شرع فيه قبله أو كمّله بعده فوقع بعضه خارجاً منه فهو كتركه، لأنّه لم يكمله في محلّه فأشبه من تعمّد قراءته راكعاً أو أخذ في التّشهّد قبل قعوده‏.‏

قال البهوتيّ‏:‏ هذا قياس المذهب، ويحتمل أن يعفى عن ذلك، لأنّ التّحرّز يعسر، والسّهو به يكثر ففي الإبطال به والسّجود له مشقّة‏.‏

ويستثنى من ذلك تكبيرة ركوع مسبوق أدرك إمامه راكعاً، فكبّر للإحرام ثمّ ركع معه فإنّ تكبيرة الإحرام ركن، وتكبيرة الرّكوع هنا سنّة للاجتزاء عنها بتكبيرة الإحرام‏.‏ قالوا‏:‏ وإن نوى تكبيرة الرّكوع مع تكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته‏.‏

التّسميع

49 - وهو قول‏:‏ ‏"‏ سمع اللّه لمن حمده ‏"‏، وهو واجب للإمام والمنفرد دون المأموم، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك‏.‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم لبريدة «يا بريدة، إذا رفعت رأسك من الرّكوع فقل‏:‏ سمع اللّه لمن حمده، اللّهمّ ربّنا لك الحمد»‏.‏

ويجب أن يأتي بها مرتّبةً، فلو قال‏:‏ من حمد اللّه سمع له، لم يجزئه‏.‏

وأمّا المأموم فإنّه يحمد فقط في حال رفعه من الرّكوع ولا يسمع، لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «إذا قال يعني الإمام سمع اللّه لمن حمده، فقولوا‏:‏ ربّنا ولك الحمد»‏.‏

التّحميد

50 - وهو قول‏:‏ ‏"‏ ربّنا ولك الحمد ‏"‏ وهو واجب على الإمام والمأموم والمنفرد‏.‏ لحديث أنس وأبي هريرة المتقدّم، ويجزئه أن يقول‏:‏ ربّنا لك الحمد بلا واو‏.‏

وبالواو أفضل، كما يجزئه أن يقول‏:‏ ‏"‏ اللّهمّ ربّنا لك الحمد ‏"‏ بلا واو‏.‏

وأفضل منه مع الواو، فيقول‏:‏ ‏"‏ اللّهمّ ربّنا ولك الحمد ‏"‏‏.‏

التّسبيح في الرّكوع

51 - وهو قول‏:‏ «سبحان ربّي العظيم ‏"‏ والواجب منه مرّة واحدة، لما روى حذيفة «أنّه صلّى مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه‏:‏ سبحان ربّي العظيم‏.‏ وفي سجوده‏:‏ سبحان ربّي الأعلى»‏.‏

وعن عقبة بن عامر قال‏:‏ «لمّا نزلت ‏{‏فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ‏}‏ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ اجعلوها في ركوعكم‏.‏ فلمّا نزلت ‏{‏سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى‏}‏ قال‏:‏ اجعلوها في سجودكم»‏.‏

التّسبيح في السّجود

52 - وهو قول‏:‏ ‏"‏ سبحان ربّي الأعلى ‏"‏، والواجب منه مرّة واحدة لحديث حذيفة وعقبة بن عامر المتقدّمين‏.‏

قول‏:‏ ‏"‏ربّ اغفر لي‏"‏

53 - في الجلوس بين السّجدتين‏:‏ وهو واجب مرّةً واحدةً على الإمام والمأموم والمنفرد، لما روى حذيفة «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السّجدتين‏:‏ ربّ اغفر لي» قالوا‏:‏ وإن قال‏:‏ ‏"‏ ربّ اغفر لنا ‏"‏ أو ‏"‏ اللّهمّ اغفر لنا ‏"‏ فلا بأس‏.‏

التّشهّد الأوّل

54 - لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعله وداوم على فعله وأمر به وسجد للسّهو حين نسيه‏.‏ قالوا‏:‏ وهذا هو الأصل المعتمد عليه في سائر الواجبات، لسقوطها بالسّهو وانجبارها بالسّجود، والمجزئ من التّشهّد الأوّل ‏"‏ التّحيّات للّه، سلام عليك أيّها النّبيّ ورحمة اللّه، سلام علينا وعلى عباد اللّه الصّالحين، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً رسول اللّه، أو أنّ محمّداً عبده ورسوله ‏"‏ فمن ترك حرفاً من ذلك عمداً لم تصحّ صلاته، للاتّفاق عليه في كلّ الأحاديث‏.‏

الجلوس للتّشهّد الأوّل

55 - وهو واجب على غير من قام إمامه سهواً ولم ينبّه، فيسقط عنه حينئذ التّشهّد الأوّل، ويتابع إمامه وجوباً‏.‏